السندات السعودية تنعش السوق رغم مخاوف "الإفلاس"
المؤلف: محمد الصبحي (جدة)08.09.2025

فيما كانت الأنظار شاخصة نحو التأثير المحتمل لتصريحات نائب وزير الاقتصاد والتخطيط، محمد التويجري، بشأن خطر الإفلاس الذي قد يتهدد المملكة في غضون أربع سنوات، على أداء سوق الأسهم السعودية، شهد المؤشر ارتفاعًا ملحوظًا بواقع 129 نقطة، أي ما يعادل 2.34%، مدفوعًا بالإقبال الدولي اللافِت على شراء السندات السعودية.
وعن الأسباب الكامنة وراء عدم تأثر السوق بتصريحات التويجري، أوضح سراج الحارثي، عضو لجنة الأوراق المالية التابعة لغرفة تجارة وصناعة جدة، أن التصريح جاء في سياق مناقشة أوضاع بعض الصناديق، ولم يكن إشارة مباشرة إلى إفلاس الدولة بالمعنى المطلق، وأضاف أن المحللين والمتخصصين فهموا التصريح في سياقه الصحيح، مما أدى إلى ارتفاع الطلب بشكل كبير على السندات الدولية السعودية، وذلك نتيجة للثقة الراسخة في قوة ومتانة الاقتصاد السعودي، وهو ما انعكس إيجابًا على سوق الأسهم السعودية.
وفي محاولة لفهم ما قصده نائب وزير الاقتصاد والتخطيط بعبارتيه اللتين أثارتا جدلًا واسعًا في الأوساط السعودية، حيث صرح في الأولى: «إذا استمرت أسعار البترول على وضعها الحالي، ولم نتخذ الإجراءات اللازمة، فإن الإفلاس سيكون حتميًا خلال ثلاث إلى أربع سنوات»، وفي الثانية: «90% من دخلنا يخصص للمصروفات الضرورية، مثل الرواتب والديون»، قدّر خبيران في الشؤون المالية والمحاسبة، وهما领域ان يرتبطان ارتباطًا وثيقًا بإعداد الميزانيات والموازنات، أن نسبة رواتب موظفي القطاع الحكومي تصل إلى 80% من إجمالي ميزانية الدولة سنويًا، بالإضافة إلى وجود مصروفات تشغيلية تقدر بنحو 10%، مما يعني أن 90% من الميزانية تذهب إلى المصروفات الضرورية والملزمة.
تجدر الإشارة إلى أن نائب وزير الاقتصاد والتخطيط، محمد التويجري، قد أدلى بتصريحاته المثيرة للجدل خلال استضافته في برنامج "الثامنة" الذي بثته قناة (إم بي سي) مساء أمس الأول.
وفي هذا الصدد، صرح المستشار المالي فضل البوعينين قائلاً: «التعبير الأكثر دقة لوصف الوضع هو إمكانية استنفاد الاحتياطيات المالية، في حال استمرار العجز الحالي بنفس الوتيرة في السنوات الأربع المقبلة، مع بقاء أسعار النفط منخفضة، وعدم قيام الحكومة بإصلاحات هيكلية، وترشيد الإنفاق، ومراجعة بند الأجور والرواتب».
وشدد خلال حديثه على أهمية الاعتراف بتأثير المتغيرات الاقتصادية على الداخل، وإعادة الهيكلة، والمضي قدمًا في الإصلاحات الضرورية التي قد تكون مؤلمة، مضيفًا: «لا يمكن تفسير كلمة الإفلاس بمعناها الحرفي عند الحديث عن السعودية، فهي تمتلك أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في العالم، واحتياطيات متنوعة من المعادن والغاز، بالإضافة إلى كونها رابع أكبر دولة في العالم من حيث الاحتياطيات النقدية، وتتمتع عملتها بتغطية نقدية تفوق الحاجة، مع بقاء نسبة الدين العام في مستوى يعتبر من بين الأدنى عالميًا، والأهم من ذلك، أن السعودية تصدر أكثر من تسعة ملايين برميل نفط يوميًا حتى في أصعب الظروف».
وعن إمكانية الاستناد إلى التصنيف الائتماني للسعودية، أوضح البوعينين أن التصنيفات السيادية للمملكة خلال السنتين الماضيتين تتعارض تمامًا مع معنى الإفلاس الحقيقي، مؤكدًا أن هذه التصنيفات تصدر عن مؤسسات عالمية تعتمد على تحليلات مالية دقيقة وقراءات متعمقة للبيانات.
وعرّف أستاذ المحاسبة الدكتور سالم باعجاجة المصروفات الحتمية بأنها: «جميع الالتزامات المباشرة، مثل رواتب موظفي القطاع الحكومي، التي تمثل نسبة كبيرة من الميزانية، بالإضافة إلى 10% تشمل المصروفات التشغيلية، ولكنها لا تغطي الديون».